كتب دون حقوق طباعة أو نشر في معرض “هركول” للكتاب بالقامشلي
القامشلي- عباس علي موسى – NPA
2019-07-23
تُشارك اثنا عشر دار نشر في معرض “هركول” للكتاب بمدينة القامشلي في نسخته الثالثة, فيما تُشارك مكتبات ومؤسسات ثقافية وثمان اتحادات للكتّاب والمثقفين، وتعرض في مجموعها أكثر من ثمانية آلف عنوان.
وعلى الرغم من أنّ دور النشر المشاركة في المعرض هي دور نشر كبيرة، وتطبع كتباً تراعي فيها مسألة حقوق الطباعة والنشر وحقوق الملكية الفكرية، إلا أنّ غالبية النتاج المحلّي للكتاب في المنطقة لا يُطبع في هذه الدور أو حتى دور نشر أخرى تراعي كلّ هذه المعايير، وإنما يطبع في المطابع المتواجدة في المنطقة أوعن طريق المكتبات وبطابعات عادية.
“تنفيذ طباعي”
يوجد في مقاطعة الحسكة (تقسيم إداري يضم منطقة الحسكة والدرباسية وسري كانيه/رأس العين وتل تمر) مطبعتين حديثتين على الأقل تتبعان للإدارة الذاتية، وثلاث مطابع أخرى حديثة خاصة على الأقل، إضافة إلى عدد من المطابع التي تطبع مختلف المطبوعات الإعلانية من بينها الكتب أحيانا وذلك بحسب الطلب والحاجة، بينما لا توجد سوى بضع دور نشر.
ويلجأ الكتّاب إلى طباعة كتبهم في دور نشر في دمشق والبلدان العربية أو تركيا بالنسبة لنتاجاتهم باللغة العربية ، وإقليم كردستان العراق لطباعة نتاجاتهم بالكردية، بينما يلجأ العديد منهم إلى طباعة كتبهم طباعة خاصة عبر دور النشر أو المطابع المحلية دون أن تحظى كتبهم بالتسجيل لدى أي جهة.
دار شلير
دار شلير هي أحد دور النشر المحلية التي تتلقى دعما من الإدارة الذاتية وتطبع منذ تأسيسها 2017 كتباً متعددة بعد قبولها من قبل لجان القبول في الدار، وهي مسجلة لدى هيئة الثقافة في الإدارة الذاتية (مؤسسة تنظّم العمل الثقافي في مناطق الإدارة الذاتية)، وطبعت منذ بداية هذا العام /70/ عنواناً، فيما بلغت مطبوعاتها منذ التأسيس /200/ عنوان، عدا عن الكتب التي تم طباعتها بالتنفيذ، عبر لجان الأدبيات وهيئة الثقافة، وغيرها من مؤسسات الإدارة الذاتية الثقافية.
إلا أنّ دار نشر شلير أسوة بدور النشر الأخرى في المنطقة لا تسجّل الكتب برقم دولي أو ما يسمى بـ ISBN”” وهو الترقيم الدولي للكتاب، وكذلك لا يتم حماية حقوق الطباعة والنشر حتى في حدود الإدارة الذاتية عبر قوانين ناظمة.
في هذا السياق يقول ميفان محمود مدير الدار لـ”نورث برس” أن الدار “مرخصة ومسجلة لدى هيئة الثقافة التابعة للإدارة الذاتية” مشيراً إلى أن عدم وجود ترقيم دولي للكتاب, يجعل الدار تواجه مشكلة عدم الاعتراف بها دولياً, قائلاً “لو توفر الرقم الدولي لكانت الأمور قانونية أكثر”.
إلا أنّ الأمور تتجاوز حتى حقوق الطباعة والنشر لتصل إلى حقوق التأليف وإعادة الطباعة وغيرها من معايير النشر، فلا يوجد عقود بين دار النشر والمؤلّفين تحفظ للدار والمؤلّف حقوقه.
ويؤكّد محمود أنّ العقود هي شفاهية وأخلاقية، ولا تستدعي شروطاً على المؤلّف ولا حتى دار النشر التي لا تتقاضى من المؤلّفين شيئاً، كما أنّها لا تمنحهم أية مبالغ مالية، والعرف المتبع عليه هو طباعة الكتاب بحسب أهميته ما بين ألف إلى ألفي نسخة في الأحوال الطبيعية ومنح مائة نسخة للمؤلّف، دون أن يعني ذلك حق دار النشر بإعادة الطباعة أو قيام
المؤلّف بإعادة الطباعة في دور نشر أخرى أو لا.
وتعمل شلير في نطاق مناطق الإدارة الذاتية فقط، دون أن تقوم بتصدير كتبها إلى الخارج أو المشاركة بمعارض خارج المنطقة، كما أنها لا تُراعي في طباعتها مقاييس الجودة، وهذا باد على نوعية الطباعة، ومع أنّها تمتلك لجنة قراءة وقبول للكتب المقدّمة إلا أنّها لا تمتلك محرّرين ومدقّقين بحسب بيانات الكتب الصادرة عن الدار، وبخاصة الكردية منها، والتي تجعل من عملية خروج الكتاب إلى النور عملية غير متكاملة ما يُشبه “تنفيذا طباعيا” للكتاب.
تنشط في مناطق الإدارة الذاتية عدة اتحادات وتجمّعات كتاب ومثقفين، منها مستقلة ومنها يتبع للإدارة الذاتية، وتطبع سنوياً مجموعة كتب لأعضائها المسجلين أو الفخريين، وهي عناوين تجاوزت المائة عنوان هذا العام من العناوين الجديدة، عدا عن الكتب التي أعيدت طباعتها.
حماية الحقوق
اتحاد الكتاب الكرد – سوريا وهو تجمّع ثقافي يضم عدداً من الكتاب والمثقفين الكرد ويٌشارك في دورة معرض هركول الثالثة بعناوين عديدة (155 عنوانا), 40 منها هي عناوين تُطبع للمرة الأولى، فيما العناوين الأخرى هي إعادة طباعة، وتم طباعة 100// نسخة فقط من كل كتاب وجرى طباعتها على طابعات عادية، وهي كتب للأعضاء أو للأعضاء الفخريين كما صرّح الكاتب دلوفان دشتي عضو الاتحاد لـ “نورث برس”.
ويقول دلوفان دشتي “رغم أننا نكتب على كل إصداراتنا أنّ حقوق الطباعة والنشر محفوظة للاتحاد ولكن مع الأسف الشديد لا تحفظ هذه الحقوق وهي تكون متاحة للجميع في أي مكان وفي أي وقت” مبيناً أنها حقوق محفوظة شكلياً، ويمكن “لأي دار نشر أو حتى الأفراد إعادة طباعتها”.
ويسرد دشتي قصة أحد الكتب التي طبعوها في الدورة السابقة لمعرض هركول بنسخته الثانية وكيف أنّهم تفاجؤوا بأن الكتاب موجود لدى أحدهم مطبوعا قبل طباعتهم للكتاب.
ويضيف قائلاً “المشكلة هي عدم وجود قانون حماية حقوق المؤلف ودار النشر والطباعة والتوزيع، وكافة الحقوق المتعلقة بالآلية الطباعية”.
وليس هناك في هيئة الثقافة أو أي مؤسسة أخرى في الإدارة الذاتية أية قوانين ناظمة لعمليات حفظ الحقوق سواء تلك المتعلّقة بالمؤلّف أو الدار، يحفظ للمؤلّف حقوقه، أو للدار أو الجهة الناشرة حقوقها.
وتلجأ التجمّعات والمؤسسات الثقافية إلى اختيار الكتب عبر لجان القراءة والتقييم داخل مؤسساتها لتقوم بالطباعة وتقوم بنشرها عبر حفلات توقيع أو معارض خاصة أو عامة كمعرض هركول، ولا تحظى جلّ هذه الكتب المطبوعة بعملية مراجعة وتحرير وتدقيق، ما يجعلها تعجّ بالأخطاء السياقية واللغوية وغيرها من عمليات يفترض أن يمرّ بها أي كتاب في دور النشر أو أي جهة ناشرة، كما أنّ الكثير منها يتم طباعتها عبر طابعات بسيطة غير معدة لطباعة الكتب.
الشروط
وبالنسبة لإدارة معرض هركول للكتاب فهي لا تفرض على دور النشر أو الجهات الناشرة أو التجمّعات الثقافية أي شروط متعلّقة بكيفية طباعة الكتاب ونشره، بل تكتفي بتداول أسماء هذه الجهات الراغبة بالمشاركة في المعرض بين لجنتها التحضيرية أو إرسال دعوات يتم قبولها لبعضهم.
توضح روناهي حسن من اللجنة التحضيرية للمعرض لـ “نورث برس” أنهم أرسلوا الدعوات للشخصيات ولدور النشر وللمكتبات دون شروط، مبينة أن هذه هي الطريقة المتبعة في المعرض منذ دورته الأولى.
وثمة شرط وحيد يتم تقييمه قبل بدء المعرض وهو التأكد من عدم وجود عناوين تطعن في دين أو قومية بطريق القدح خارج العرف العام، ولكن لم يتم تسجيل حالات كهذه من إبعاد مؤلّفات معينة في هذه الدورة أو الدورات السابقة، لكن روناهي حسن لا تستبعد أن يكون لهم شروط في الدورات المقبلة، وبخاصة في ظلّ رغبة إدارة المعرض بإنشاء مدينة معارض، يتم الحديث عنها في المستقبل.
ماذا عن القرّاء؟!
تعرّضت منطقة الجزيرة أسوة بمناطق سورية عديدة أثناء سيطرة الحكومة السورية لمنع كتب ذات موضوعات سياسية أو ناقدة للسلطة وغيرها من موضوعات تمسّ الفساد، وتجاوز المنع أكثر بالنسبة للغة الكردية التي كانت ممنوعة جملة وتفصيلا سواء كان الموضوع غزلاً أو سياسة.
فكان المنع يطال اللغة دون النظر إلى الموضوع حتى، لذا اعتاد القرّاء لعقود عدة على نُسخ مطبوعة في السرّ والخفاء لهذه الكتب، وكانت هذه الكتب المطبوعة سراً تنفّذ عبر طابعات عادية وبطبعات كيفما اتفق، وكان القرّاء يتلقفونها بشكلها دون الحديث عن شروط جمالية أو حتى كمالية لتنفيذ هذه الكتب، وذلك أنّها تمرّ عبر بوابة المنع.
إلا أنّ الفرصة المتاحة على مدار أكثر من ثمان سنوات لطباعة كتب كانت ممنوعة أسقط شرط الجودة بالنسبة للجهات الناشرة، فيلجأ القرّاء لاختيار كتب بطبعات أنيقة ويتم طباعتها حسب المعايير (حقوق الطباعة والنشر والتأليف وغيرها).
تشير ناريمان عفدكي لـ “نورث برس” أنها حين تختار كتاباً تأخذ بعين الاعتبار بداية اسم المؤلّف وعنوان الكتاب بدرجة أولى، وبدرجة ثانية نوعية النشر وجودته وحقوق ومعايير النشر.
عبد الباري أحمه يمتلك مكتبة تضم مئات الكتب في منزله يتجوّل هو الآخر في المعرض ويشارك في فعالياته يقول لـ”نورث برس” “المعرض متنوّع، لكن النوعية والجودة ونوعية الغلاف ومسألة حقوق الطبع والنشر غير متوفرة بشكل دقيق” منوهاً أن بعض المؤلفات والكتب موثقة ومحفوظة بختم وتوقيع الناشر والبعض وكأنها حالة إنشائية، مؤكداً أنه يخشى في حالات عدم مراعاة المعايير إلى أن يكون الكتاب مسروقاً، أو غير دقيق في أضعف الإيمان.
ومع أنّ المنطقة تشهد حراكاً لا بأس به في المجال الثقافي، وبخاصة الثقافات الممنوعة كالكردية إلا أنّها لا تزال تعاني من شروط الجودة والمعايير التي تجعل من نتاجاتها في حال تم مراعاتها ذات قيمة مضافة أكثر من كونها نتاجات وحسب، وعلى الرغم أنّ النشر في سوريا عموما يعاني من مسائل متعلّقة بنشر الكتب المنسوخة “إعادة طباعة كتب لدور نشر عبر النسخ دون حقوق” إلا أنّ الأمر في الجزيرة لم يصل بعد إلى مستوى من الممكن أن نقول عنه “صنعة النشر” في عالم الكتاب.
نُشر التقرير في وكالة نورث برس بتاريخ 2019-07-23